الحمد لله رب العالمين .. الحمد الذي بنعمته تتم الصالحات وبفضله تتنزل الخيرات والبركات ، وبتوفيقه تتحقق المقاصد والغايات .. شرع لعباده خير الأحكام ، وأمر باتباع سيد الأنام (ﷺ) فقال تعالي {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)}[الحشر].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... اصطفى نبيه (ﷺ) بنبوته واختصه برسالته فأنزل عليه القرآن الكريم وأمره أن يبينه للناس فقال تعالي {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)}[النحل].
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله (ﷺ) أرسله الله رحمة للعالمين، فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غُلْفا....
حثَّ أمَّتَه على التمسُّك بهديه وسنَّتِه فقال(ﷺ) :{عليكم بسنَّتي وسنة الخلفاء الرَّاشدين المهديِّين، عَضُّوا عليها بالنَّواجذ}[ أخرجه أبو داود في السنة ، والترمذي في العلم وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه في المقدمة والحاكم في المستدرك].
فاللهم صل علي سيدنا ومولانا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ...
أما بعد.. فيا أيها المؤمنون..
لقد من الله تعالي علي البشرية ببعثة النبي (ﷺ) فقال تعالي { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)}[آل عمران].
وقد أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله محمداً (ﷺ) إلى الناس ليبلغهم دينهم، وقد بلغ الرسول (ﷺ)هذا الدين كاملاً غير منقوص، وَبيَّنَه للناس بقوله وفعله وتقريراته ، ونفذ تعاليمه كاملة في حياته (ﷺ)، وقام بتربية المجتمع المسلم، وبتزكيتهم كما أمره الله عزَّ وجل، وبقيت سيرته ومنهجه بعد موته؛ لتكون نبراساً للناس يستضيئون به بعد موته إلى قيام الساعة.
قال رسول الله (ﷺ): {لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ } [رواه مسلم في صحيحه] .
ومنهجه (ﷺ) يتمثل في كتاب الله وسنة رسوله (ﷺ)؛ قال (ﷺ):{يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم مسؤولون عني فما أنتم قائلون}[ رواه مسلم]
وقد تكفل الله تعالي بحفظ هذا الدين كتاباً وسنةً؛ من التحريف والتبديل؛ فقال سبحانه وتعالي:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ(9)} [الحجر].
وقد هيأ الله تعالي لهذا الدين من يحفظونه من عبث العابثين ، وانتحال المبطلين، وتحريف الغالين، فقال رسول الله (ﷺ) : {يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين}.[رواه البيهقي وصححه الشيخ الألباني].
وقد ظن البعض من صغار العقول أن الدين متمثل في القرآن الكريم فقط، ويتركون السنة النبوية ، بل يصل بهم الأمر إلي التشكيك في السنة ، وإلصاق الشبه بها .
لذلك كان حديثنا عن }منزلة السنة النبوية في الإسلام{، وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية...
1ـ تعريف السنة النبوية.
2ـ منزلة السنة النبوية في الإسلام.
3ـ منزلة السنة في بيان الأحكام الشرعية.
4 ـ إجماع السلف الصالح علي مكانة السنة وحجيتها.
5ـ واجب الأمة نحو السنة النبوية المطهرة.
6ـ خطورة مخالفة السنة النبوية المطهرة.
7ـ أثر التمسك بالسنة النبوية.
8ـ أشهر كتب السنة .
9ـ الخاتمة .
---------------
العنصر الأول : تعريف السنة النبوية :
السُّنة : هي ما ثَبَتَ عن رسول الله (ﷺ) مِن قولٍ أو فِعْلٍ أو تقريرٍ أو وصفٍ خُلُقي أو خلْقي له (ﷺ).
العنصر الثاني : منزلة السنة النبوية في الإسلام:
السنة هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن العظيم، ولا يكتمل دين الله تعالى إلاَّ بالأخذ بالكتاب والسنة جنباً إلى جنب.
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالي " وسنن رسول الله (ﷺ) مع كتاب الله وجهان أحدهما : نص كتاب فاتبعه رسول الله كما أنزل الله ،والآخر جملة بين رسول الله فيه عن الله معني ما أراد بالجملة وأوضح كيف فرضها عاما ، أو خاصا ، وكيف أراد أن يأتي به العباد وكلاهما اتبع فيه كتاب الله ، فلم أعلم من أهل العلم مخالفا في أن سنن النبي من ثلاثة وجوه ، فاجتمعوا منها علي وجهين ، والوجهان يجتمعان ويتفرعان ، أحدهما : ما أنزل الله فيه نص كتاب فبين رسول الله مثل ما نص الكتاب ،والآخر مما أنزل الله فيه جملة كتاب فبين عن الله ما أراد ،وهذان الوجهان اللذان لم يختلفوا فيهما "
فالسُّنة من الوحي المُنَزَّل، قال تعالى:{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ (113)}
[النساء].
قال الحسن وقتادة: الحكمة هي السُّنة؛ وكذا قال الشافعي رحمه الله.
وقال ابن القيم: الكتاب هو القرآن، والحكمة هي السُّنة باتفاق السلَف، في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ (2)}[الجمعة].
وفي الصحيحين عن يعلى بن مرة، أنه كان يقول لعمر بن الخطاب: ليتني أرى نبي الله (ﷺ) حين يُنزل عليه، فلما كان النبي (ﷺ) بالجِعْرَانة، وعلى النبي (ﷺ) ثوبٌ قد أُظِل به عليه، معه ناسٌ مِن أصحابه فيهم عمر؛ إذ جاءه رجلٌ عليه جُبَّةُ صوفٍ متضمِّخ بطِيب، فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجلٍ أحرَم بعُمْرة في جُبَّةٍ بعدما تضمَّخ بطيبٍ؟ فنظر إليه النبي (ﷺ) ساعةً، ثم سكت، فجاءه الوحي، فأشار عُمر بيده إلى يعلى بن أُمية، فجاءه يعلى فأدخل رأسه، فإذا النبي (ﷺ) محمرُّ الوجه يغطُّ ساعة ثم سُرِّي عنه، فقال:(أين الذي سألني عن العُمرة آنفًا؟)، فالْتُمِس الرجلُ فجيء به، فقال النبيُّ (ﷺ): }أما الطِّيب الذي بك فاغسِلْه ثلاث مرات، وأما الجُبَّة فانزعها، ثم اصنعْ في عمرتك ما تصنع في حجِّك{ [ رواه البخاري ، ومسلم].
العنصر الثالث : منزلة السنة في بيان الأحكام الشرعية:
اتفق جمهورُ أهل العلم على أن السُّنة هي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن العظيم، ولا يكتمل دين الله تعالى إلاَّ بالأخذ بالكتاب والسنة جنباً إلى جنب ، وأن المسلم مُطالَبٌ بتنفيذ ما بلغه مما صَحَّ عن رسول الله (ﷺ).
ومنزلة السنة في بيان الأحكام الشرعية ما يلي....
1ـ مُبيِّنةٌ لِما أُشكِل في القرآن:
قال تعالى:{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (44)} [النحل].
فقد يكون اللفظُ له أكثر مِن معنًى، فيُشكِل المعنى المراد في الآية على الصحابة، فيسألون النبي (ﷺ) فيُبيِّن لهم المراد، ومِن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)} [الأنعام]، قلنا: يا رسول الله، أيُّنا لا يظلمُ نفسه، قال:{ليس كما تقولون، {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} بشرك، أَوَلَمْ تسمعوا إلى قول لقمانَ لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)}[لقمان]. [رواه البخاري ومسلم]
وفي الصحيحين عن عَدِيٍّ، قال: لَمَّا نزَلَتْ:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)} [البقرة]، عمدت إلى عِقالٍ أسود، وإلى عقالٍ أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلتُ أنظر في الليل، فلا يستبين لي، فغدوتُ على رسول الله (ﷺ) ، فذكرتُ له ذلك، فقال(ﷺ): {إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار}[رواه البخاري ، ومسلم].
2ـ مُبيِّنةٌ لِما أُبهم في القرآن:
ففي صحيح البخاري أنه تمارى ابنُ عباس والحرُّ بن قيس في العبد الصالح المذكور في قوله تعالى:{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65)}[الكهف] فسألا أُبَي بن كعب، فقال: سمِعتُ رسول الله (ﷺ) يقول: فارتدَّا على آثارهما قصصًا فوجدا خَضِرًا...} [رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وأحمد.].
3ـ مبينةٌ لما أُجْمِل في القرآن:
قال تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ (43)} [البقرة]؛ فبيَّن النبي (ﷺ) أوقاتها، وعدد ركعتها وصفتها، ثم قال: {صلوا كما رأيتموني أُصلِّي}[رواه البخاري، ومسلم].
وقال تعالى:{وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)}[البقرة].
فبيَّنت السنة أنصبتها ومقاديرها وشروط وجوبها، ونحو ذلك.
ومما جاء في هدي الرسول (ﷺ) في الحج والعمرة حديث جابر بن عبد الله رضي الله عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ (ﷺ) قَالَ:}خذوا عني مناسككم{. ]رَوَاهُ أَحْمَدُ ومُسْلِمٌ والنسائي[ فبين النبي مناسك الحج والعمرة التي أجملها القرآن الكريم .
4ـ مُخصِّصةٌ لما عُمم:
قال تعالى مبينًا المحرَّمات مِن النساء:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ (23)} [النساء]، ثم قال:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ (24)}[النساء]، فعمَّ ذلك جميع النساء مِن غير المذكورات، فخصَّصت السُّنة الجمعَ بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها؛ كما ثبت في صحيح البخاري ، عن جابر رضي الله عنه قال: {نهى رسولُ الله (ﷺ) أن تُنكح المرأة على عمتها أو خالتها}.
وقال تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (11)}[النساء]؛ فالآية عمَّتْ جميع الأبناء على اختلاف مِلَلِهم، فجاءت السُّنة فخصَّت الميراث بالولد المسلم دون الكافر؛ ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، أنَّ رسول الله (ﷺ) قال: {لا يرثُ المسلم الكافر، ولا يرثُ الكافر المسلم}
5ـ مُقيِّدةٌ للمطلق:
قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)}[المائدة]؛ فهذا حكمٌ في مُطلَق السرقة وإن قلَّتْ، فجاءت السُّنة فقيَّدته بحدٍّ مُعيَّن لا يقلُّ عنه؛ ففي الصحيحين عن عائشة أنَّ رسول الله (ﷺ) قال: {لا تُقطع يدُ السارق إلا في ربُع دينار فصاعدًا}
6ـ إضافة حكم جديد:
قال تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ (145)} [الأنعام]؛ فقد حَصرت الآيةُ المُحرَّمات مِن الأطعمة في هذه الأصناف الأربعة حين نُزول الآية، ثم أضافت السُّنة أنواعًا أخرى من الأطعمة المحرَّمة؛ مثل لحوم الحُمُر الأهلية؛ ففي الصحيحين عن أبي ثعلبة الخُشني رضي الله عنه، قال: {حرَّم رسول الله (ﷺ) لُحُوم الحُمُر الأهلية}
وذوات الأنياب مِن السباع: ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي (ﷺ) قال: {كُلُّ ذي نابٍ مِن السباع فأكلُه حرامٌ}
العنصر الرابع : إجماع السلف الصالح علي مكانة السنة وحجيتها :
كان سلفنا الصالح يستمسكون بالسُّنة ويهتدون بها، ويحثون على العمل بها، ويُحذِّرون من مخالفتها، ويعتبرونها مكمِّلة للقرآن العظيم وشارحةً له، وإن تعذَّر العثور على الدليل في القرآن الكريم، أخذوه من السُّنة ولا يتجاوزونها إلى غيرها إنْ كان الدليل فيها، بل كان الواحد من الأئمة الكرام يرجع عن اجتهاده - دون أدنى تردُّد - إنْ تبيَّن له حديثٌ ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم يُعارض ما ذهب إليه من اجتهاد، وعبارتهم المشهورة في ذلك: (إذا صحَّ الحديث فهو مذهبي، واضربوا بقولي عُرض الحائط).
وممن نقل الإجماعَ على حجية السنة:
1ـ الإمام الشافعي رحمه الله:
يقول: (أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ على أَنَّ من اسْتَبَانَتْ له سُنَّةُ رسول اللَّهِ (ﷺ) لم يَكُنْ له أَنْ يَدَعَهَا لِقَوْلِ أَحَدٍ من الناس).
وقال أيضاً: (لم أَسْمَعْ أَحَدًا نَسَبَهُ الناسُ أو نَسَبَ نَفْسَهُ إلَى عِلْمٍ يُخَالِفُ في أَنْ فَرَضَ اللَّهُ عز وجل اتِّبَاعَ أَمْرِ رسول اللَّهِ (ﷺ) ، وَالتَّسْلِيمَ لِحُكْمِهِ، بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل لم يَجْعَلْ لأَحَدٍ بَعْدَهُ إلاَّ اتِّبَاعَهُ، وَأَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ قَوْلٌ بِكُلِّ حَالٍ إلاَّ بِكِتَابِ اللَّهِ أو سُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ ما سِوَاهُمَا تَبَعٌ لَهُمَا، وَأَنَّ فَرْضَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَى مَنْ بَعْدَنَا وَقَبْلَنَا في قَبُولِ الْخَبَرِ عن رسول اللَّهِ (ﷺ) وَاحِدٌ، لاَ يَخْتَلِفُ في أَنَّ الْفَرْضَ وَالْوَاجِبَ قَبُولُ الْخَبَرِ عن رسول اللَّهِ (ﷺ) .
2ـ ابن حزم رحمه الله:
يقول في قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ(59)}[النساء]
(والبرهان على أنَّ المراد بهذا الرد إنما هو إلى القرآنِ، والخَبَرِ عن رسول الله (ﷺ) ؛ لأنَّ الأُمَّة مُجمِعة على أنَّ هذا الخطاب متوجِّه إلينا، وإلى كلِّ مَنْ يُخلق ويُركَّب روحُه في جسده إلى يوم القيامة من الجِنة والناس، كتوجُّهِه إلى مَنْ كان على عهد رسول الله (ﷺ) ، وكلِّ مَنْ أتى بعده - عليه السلام - وقبلنا، ولا فرق).
3ـ ابن تيمية رحمه الله:
يقول: (وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولاً عامًّا يتعمَّد مخالفة رسول الله (ﷺ) في شيء من سُنَّتِه دقيق ولا جليل، فإنَّهم مُتَّفقون اتِّفاقًا يقينيًّا على وجوب اتِّباع الرسول (ﷺ) ، وعلى أنَّ كلَّ أحدٍ من الناس يؤخذ من قوله ويُترك إلاَّ رسول الله (ﷺ)).
4ـ الشوكاني رحمه الله:
قال: (والحاصل: إنَّ ثبوت حُجيَّة السُّنة المُطهَّرة، واستقلالَها بتشريع الأحكام ضرورةٌ دينية، ولا يُخالف في ذلك إلاَّ مَنْ لا حظَّ له في دين الإسلام)
العنصر الخامس: واجب الأمة نحو السنة النبوية المطهرة :
بما أن السُّنة مصدرٌ أساسي مِن مصادر التشريع، فيجب على كل مسلم أن يسمع ويطيع للسنة الصحيحة كما يسمع ويطيع لله تعالي؛ وقد أوجب الله تعالى طاعة الرسول (ﷺ)على المسلمين، وذلك في أكثر من ثلاثين موضعاً من كتابه؛ كما يقول الإمام الآجري رحمه الله: فرض على الخلق طاعته (ﷺ) في نيف وثلاثين موضعاً من كتابه عز وجل.
وقال شيخ الإسلام بن تيمية قدس الله روحه: وقد أمر الله بطاعة رسوله (ﷺ) في أكثر من ثلاثين موضعاً من القرآن، وقرن طاعته بطاعته، وقرن بين مخالفته ومخالفته؛ كما قرن بين اسمه واسمه، فلا يذكر الله إلا ذكر معه.
ولو نظرنا إلي القر آن الكريم لوجدنا أنه يؤكد علي ما يجب نحو السنة المطهرة:
1ـ الإتباع الكامل للسنة للنبوية:
لقد أمرنا الله باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يأمر به ويَنْهَى عنه؛ فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا(7)}[الحشر].
ومِن علامات صِدْق محبة العبد لله اتباعُ الرسول (ﷺ) ؛ قال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (31)} [آل عمران].
وجعل في اتباعه (ﷺ) سبيل الهداية فقال تعالي {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)} [الأعراف].
وقد جعل في اتباع السنة سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة فقال تعالي{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(157)}[الأعراف].
وقال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(51)}[النور].
2ـ الاستجابة الكاملة للسنة النبوية :
لقد قرن الله تعالي طاعة الرسول (ﷺ) بطاعة الله تعالي، فقال تعالي: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(132)} [آل عمران].
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء: 59].
يقول ابن القيم رحمه الله في هذه الآية: أمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله (ﷺ) ، وأعاد الفعل إعلاماً بأن طاعة الرسول (ﷺ) تجب استقلالاً من غير عرض ما أمر به على الكتاب، بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقاً سواء كان ما أمر به في الكتاب أو لم يكن فيه، فإنه أتى الكتاب ومثله معه.
ولم يأمر بطاعة أولي الأمر استقلالاً بل حذف الفعل وجعل طاعتهم في ضمن طاعة الرسول، إيذاناً بأنهم إنما يطاعون تبعاً لطاعة الرسول(ﷺ)، فمن أمر منهم بطاعة الرسول وجبت طاعته، ومن أمر منهم بخلاف ما جاء به الرسول (ﷺ) فلا سمع له ولا طاعة؛ كما صح عنه (ﷺ)أنه قال: "لا طاعة في معصية الله؛ إنما الطاعة في المعروف"
وقد جعل الله تعالي في الاستجابة الفورية للرسول(ﷺ) الحياة الطيبة فقال تعالي:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ (24)} [الأنفال].
قال ابن القيم رحمه الله: إذ الحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله ولرسوله (ﷺ) ظاهراً وباطناً، فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا، وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان، ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول (ﷺ) ، فإن كل ما دعا إليه بقية الحياة، فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة، وفيه من الحياة
بحسب ما استجاب للرسول(ﷺ).
وقد جعل الله تعالي طاعة الرسول (ﷺ)هي في الحقيقة طاعةٌ لله تعالى؛ فقال تعالى:{ مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)}[النساء].
ولو تأملنا أحاديث النبي (ﷺ) لوجدناها تبين ما الذي يجب علي المسلم تجاه السنة النبوية المطهرة منها...
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ﷺ) قال: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله! ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى"
وفي الصحيحين أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله (ﷺ) قال: {مَن أطاعني فقد أطاع الله تعالى، ومَن عصاني فقد عصى الله}[ رواه البخاري ، ومسلم].
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله (ﷺ): {إذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتُوا منه ما استطعتم}
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله (ﷺ) قال: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، ومن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".
معني ذلك أن طاعة النبي (ﷺ) الموجبة لدخول الجنة هي في التصديق بسنَّته، والعمل بها كالقرآن.
والتَّصديق بالسُّنة إنما هو ركنٌ أصيل من أركان الدِّين، فليست المسألة مسألة أحكام وتشريعات، أو أوامر ونواهي، وإنما القضية أخطر من ذلك بكثير، إذْ هي قضية عقيدة في المقام الأول، إذْ إنَّ تصديق السُّنة إنما هو تَبَعٌ لتصديقِ النبي(ﷺ) ، وتصديقُ النبي (ﷺ) من ضرورات ومقتضيات الإيمان، إذْ كيف يؤمن بالقرآن العزيز وبالرسالة الخاتمة مَنْ شكَّ فيما يقوله النبيُّ الأمين (ﷺ) ؟!
ولعلَّ هذا المعنى هو ما فَطِنَ إليه صدِّيق الأُمَّة أبو بكرٍ رضي الله عنه في حادثة الإسراء والمعراج، حيث هُرِعَ إليه القوم يَقُصُّون عليه خَبَرَ محمدٍ (ﷺ) ، ظانِّين أنه سيشكُّ فيما يقول، مُحاولين بذلك زعزعةَ إيمانِ أبي بكرٍ رضي الله عنه، والتفريقَ بينه وبين النبي (ﷺ) ، فإذْ به يضرب مثلاً رائعاً في المتابعة والإيمان قائلاً: "إنْ كان قاله فقد صَدَقَ، وإنَّا لَنُصَدِّقُه فيما هو أبعد من هذا؛ لَنُصَدِّقُه على خَبَر السَّماء.
قال ابن القيم رحمه الله مبيِّناً حال السُّنة مع القرآن، وأنها لا تُعارضه: (فما كان منها زَائِدًا على الْقُرْآنِ فَهُوَ تَشْرِيعٌ مُبْتَدَأٌ من النبي (ﷺ) تَجِبُ طَاعَتُهُ فيه، وَلاَ تَحِلُّ مَعْصِيَتُهُ.
وَلَيْسَ هذا تَقْدِيمًا لها على كِتَابِ اللَّهِ؛ بَلْ امْتِثَالٌ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ طَاعَةِ رَسُولِهِ (ﷺ) ، وَلَوْ كان رسول اللَّهِ (ﷺ) لاَ يُطَاعُ في هذا الْقِسْمِ لم يَكُنْ لِطَاعَتِهِ مَعْنًى، وَسَقَطَتْ طَاعَتُهُ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ، وَإِنَّهُ إذَا لم تَجِبْ طَاعَتُهُ إلاَّ فِيمَا وَافَقَ الْقُرْآنَ لاَ فِيمَا زَادَ عليه لم يَكُنْ له طَاعَةٌ خَاصَّةٌ تَخْتَصُّ بِهِ، وقد قال اللَّهُ تَعَالَى:{مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ (80)} [النساء].
3ـ الأمر بحفظ السنة :
لقد أوصي النبي (ﷺ) بِحِفْظِ السُّنة وتبليغِها للناس، وهذا يدل أيضاً على حُجيَّتها فعن زَيْدِ بن ثَابِتٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يقول: {نَضَّرَ الله امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حتى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلى مَنْ هو أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيسَ بِفَقِيهٍ}[ رواه أبو داود، والترمذي].
وعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال: {فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ: فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ}[رواه البخاري، ومسلم].
وجه الدلالة: {ندب رسولُ الله (ﷺ) إلى استماع مقالته وحِفظِها وأدائها... فدل على أنه لا يأمر أنْ يُؤدَّى عنه، إلاَّ ما تقوم به الحُجَّة على مَنْ أدَّى إليه؛ لأنه إنما يؤدَّى عنه حلالٌ يُؤتى، أو حرامٌ يُجتنب، أو حَدٌّ يُقام، أو مالٌ يؤخذ ويُعطى، أو نصيحةٌ في دينٍ ودنيا}
4ـ الدفاع عن السنة النبوية ضد المشككين :
لقد أكرمنا الله بسيدنا محمد (ﷺ) خير البرية ، الذي جعلنا على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ، هذا النبي (ﷺ) الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، كلامه وحي من السماء ، لا يصدر عن هوا ، ولا حمية ، ولا عصبية .
لرسولنا الكريم (ﷺ) علينا حقوقاً يجب أن نقوم بها، وسنة يجب أن ندافع عنها ، كيف لا ، وهو القائل عن أبي الدرداء رضي الله عنه :قال : قال رسول (ﷺ) {من ردّ عن عِرْض أخيه المسلم ، كان حقاً على الله عز وجل أن يردّ عنه نار جهنم } [أخرجه الترمذي وغيره وحسنه ].
هذا في حق الناس ، فكيف بحق المصطفى (ﷺ) ، الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور، ومن الشقاء إلى السعادة ، ومن الجهل إلى العلم .
يجب على كل مسلم ومسلمة ،أن يدافع عن رسولنا الكريم (ﷺ) ويذب عن سنته ، وينافح ويناضل أهل المجون ،ويطالب بأخذ حقه (ﷺ) ممن أخطأ عليه .
لقد أخبر النبي (ﷺ) من ألف وأربعمائة وإحدى وأربعون عاما عن أولئك الذين يأتون في هذا الزمان وينفون السنة ، فعن أبي رافع رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله (ﷺ):{لا أُلْفِينَّ أحدَكم متكئًا على أريكته، يأتيه أمرٌ مما أمرتُ به، أو نهيتُ عنه، فيقول: لا أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتَّبَعناه}[روى أبو داود والترمذي وقال: حسنٌ صحيحٌ، وصححه الألباني]
وعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) أَنَّهُ قَالَ:{أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ،أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ، يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ! فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ! وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ} (وَمِثْلَهُ مَعَهُ): أراد بذلك السُّنة التي أُوتي. [رواه أحمد ؛ وأبو داود، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود].
وفي رواية: (وَإِنَّ ما حَرَّمَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كما حَرَّمَ اللهُ}[رواه الترمذي والحاكم].
قال الخطابي رحمه الله في شرحه للحديث: قوله (ﷺ): (أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ) يحتمل وجهين من التأويل:
أحدهما: أن يكون معناه أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أعطي من الظاهر المتلو.
ويحتمل أن يكون معناه: أنه أوتي الكتاب وحياً يُتلى، وأوتي من البيان، أي: أُذِن له أن يُبَيِّن ما في الكتاب ويعمَّ ويخصَّ، وأن يزيد عليه فيُشَرِّع ما ليس له في الكتاب ذِكر، فيكون ذلك في وجوب الحكم ولزوم العمل به، كالظاهر المتلو من القرآن).
ويدلُّ على هذا قوله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى(4)} [النجم]، حيث نفى الله تعالى عن نبيِّه الكريم (ﷺ)اتِّباعَ الهوى، وأتبع ذلك ببيان أنَّ كلَّ ما شرعه الرسول (ﷺ) وكلَّ ما بلَّغه من أحكامٍ إنما بوحي من الله تعالى، ولَمَّا كان القرآن العظيم قد خلا من أحكامٍ بعينِها وأشارت إليها السُّنة وجاءت بها صريحة، وكذا أبانت السُّنة عمَّا في القرآن من إجمالٍ وتفصيل، وشرحت مقاصِدَه، وفصَّلت أحكامَه، دَلَّ ذلك بمنطوق القرآن أنَّ هذا كلَّه بوحيٍ من الله تعالى إلى رسولِه (ﷺ)، وليس بهوىً أو اجتهادٍ؛ لذا وجب على المؤمنين اتِّباعه فيه، بتنفيذ أوامره، والانتهاء عن نواهيه.
العنصر السادس : خطورة مخالفة السنة النبوية المطهرة:
لم يُبِحِ القرآنُ لأحدٍ مِن المؤمنين أن يخالفَ أوامر الرسول (ﷺ) فقال سبحانه :{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ (36)}[الأحزاب].
وقد حذر النبي (ﷺ) من البعد عن السنة النبوية، ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه، أن رسولَ الله (ﷺ) قال:{مَن رَغِب عن سُنتي فليس مني}
ففي مخالفة السنة النبوية المطهرة شؤم علي الفرد والمجتمع ففيها..
1ـ الفتنة والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة :
فقال تعالي:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} [النور].
قال ابن كثير رحمه الله:{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي: عن أمر رسول الله (ﷺ) ، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبِلَ، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعِلِه كائناً مَنْ كان... فليحذر وليخش مَنْ يُخالف شريعة الرسول (ﷺ) باطناً أو ظاهراً ﴿ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾، أي: في قلوبهم من كفرٍ أو نفاقٍ أو بدعة، ﴿ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾، أي: في الدُّنيا بقتلٍ أو حَدٍّ، أو حبسٍ، أو نحوِ ذلك).
وقال تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)}[النساء].
2ـ تعمد المخالفة كفر :
بيَّن القرآن أن تعمُّد مخالفة الرسول (ﷺ) كُفرٌ؛ فقال سبحانه:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)} [آل عمران].
3ـ معصية السنة ضلال مبين :
بيَّن القرآن الكريم أن معصية الرسول (ﷺ) ضلالٌ مبينٌ؛ فقال تعالي:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} [الأحزاب].
4ـ نفي الإيمان عن المخالف للسنة النبوية المطهرة :
نفى الله تعالي الإيمان عن من لم يتحاكم إلى النبي (ﷺ) في حياته، وإلى سنته بعد موته.
فقال سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(65)}[النساء].
قال ابن كثير رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية: يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول (ﷺ) في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً، ولهذا قال تعالى: {ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ} أي إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجاً مما حكمت به، وينقادون في الظاهر والباطن، فيسلمون لك تسليماً كلياً من غير ممانعة، ولا مدافعة ولا منازعة....
5ـ الحسرة والندامة يوم القيامة للمخالفين للسنة :
لقد أخبر القرآن الكريم عن حال المخالفين للسنة النبوية الذين زعموا حب النبي (ﷺ) وخالفوا أمره ولم يتبعوا سنته (ﷺ) ، أنهم في خزي وحسرة وندامة يوم القيامة؛ كما قال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا(27)}[الفرقان]
وقال تعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66)}[الأحزاب].
العنصر السابع : أثر التمسك بالسنة النبوية :
بين النبي (ﷺ) أن التمسك بالسنة سبيل النجاة في الفتن وتشعب الأهواء في هذا الزمان
فعن العِرْباض بن سارية، قال: قال رسول الله (ﷺ):{إنه مَن يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنُتَّي وسُنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسَّكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجِذ، وإياكم ومُحدثاتِ الأمور، فإنَّ كل محدثة بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة}[ رواه أبو داود، والترمذي ، وقال: حسن صحيح، وأحمد في (المسند) والدارمي].
وروى الحاكم في المستدرك مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ (ﷺ) قَالَ: "إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيئَينِ لَن تَضِلُّوا بَعدَهُمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي"
وعن أنس مرفوعًا:{من أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة}؛ [رواه الترمذي، ورواه البيهقي]
العنصر الثامن : أشهر كتب السنة:
من أشهر كتب السنة ، الإمام البخاري محمد بن إسماعيل ( ت 256 هـ) وهو أصح كتاب حديث في الدنيا .
ويليه صحيح الإمام مسلم النيسابوري ، وقد اشترطوا على أنفسهم الاقتصار على ما صح عن رسول الله ﷺ من الأحاديث والآثار .
و صحيح ابن خزيمة , محمد بن إسحاق ( ت 311 هـ) .
وصحيح الإمام ابن حبان , محمد بن حبان ( ت 354 هـ) .
وأشهرها السنن الأربعة, وهي :
1- سنن أبي داود السجستاني (ت 275 هـ) .
2- سنن الترمذي ويسمى بالجامع أيضا ( ت 279 هـ).
3- سنن النسائي ( المجتبى ) أحمد بن شعيب ( ت 302 هـ) .
وله السنن الكبرى أيضا .
4- سنن ابن ماجة القزويني (ت 275 هـ) .
ونعيش مع واحد ممن كتبوا في سنة رسول الله (ﷺ) وهو أشهرهم وهو الإمام البخاري، هو أمير المؤمنين في الحديث؛ أبو عبدالله محمد بن إسماعيل الجُعْفي مولاهم البخاري، رحمه الله تعالى ورضيَ عنه.
أُلهم حفظ الحديث وهو في الكُتَّاب وعمره عشر سنوات، وكان يصحِّح للشيخ خطأه في الإسناد وهو ابنُ إحدى عشرة سنة، وحفظ كتب العلماء الكبار وهو ابن ست عشرة سنة، ثم حجَّ مع والدته وجاور بمكة لطلب الحديث.
بدأ تصنيف بعض كتبه وهو ابن ثمان عشرة سنة، والكتب التي كتبها وهو في هذه السنِّ المبكِّرة يقوم على دراستها عشرات من كبار الدارسين في هذا العصر لنَيْل درجات علمية عالية، وما يوفونها حقَّها، أليس هذا عجبًا؟!
قدم بغداد، وقد كان أئمة الحديث فيها يسمعون عن قوَّة حفظه؛ فأرادوا امتحانه، فعمدوا إلى عشرة من حفَّاظهم، مع كلِّ واحدٍ عشرةُ أحاديث قلَّبوا أسانيدها وخلَّطوها، فأخذوا يلقونها على البخاري حديثًا حديثًا، وهو يقول: لا أعرف هذا الحديث؛ حتى أنهوا المائة حديث، ثم أعاد عليهم المائة حديث بخطئهم، ثم أعادها مرة أخرى مصحَّحة؛ فأقرُّوا له بالحفظ، وأذعنوا له بالفضل.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "هنا يُخْضَعُ للبخاري، فما العجب من ردِّه الخطأ إلى الصواب، فإنه كان حافظًا؛ بل العجب من حفظه للخطأ على ترتيب ما ألقوه عليه من مرَّةٍ واحدةٍ".
قال أبو بكر الكَلْواذاني: "ما رأيتُ مثل محمد بن إسماعيل؛ كان يأخذ الكتاب من العلم فيطلع عليه اطِّلاعَةً، فيحفظ عامَّة أطراف الأحاديث من مرَّة واحدة)).
انضمَّ إلى هذا الحفظ العجيب اهتمامٌ بالغ بالحديث يشغله عن النوم كثيرًا؛
قال محمد بن يوسف: "كنتُ مع البخاري بمنزله ذات ليلة، فأحصيتُ عليه أنه قام وأسرج؛ يستذكر أشياء يعلِّقها في ليلةٍ ثماني عشرة مرة"!
وكان ثمرةُ هذا الحرص وتلك الحافظة رصيدًا كثيرًا من الأحاديث، بلغ أكثر من ستمائة ألف حديث، بين مقبول ومردود، يختزنها البخاري في ذاكرته، بأسانيدها وفوائدها وعللها.
ولقد رآه غير واحد في المنام يمشي خلف النبيِّ (ﷺ) كلما رفع النبيُّ (ﷺ) قدمه؛ وضع أبو عبدالله قدمه في ذلك الموضع؛ وتلك كرامةٌ في التأسِّي والاقتفاء.
بل إن البخاري رأى النبيَّ (ﷺ) في المنام؛ قال يصف تلك الرؤيا: "وكأنني واقفٌ بين يَدَيْه، وبيدي مروحة أذبُّ بها عنه، فسألتُ بعض المعبِّرين؛ فقال لي: أنت تذبُّ عنه الكذب؛ فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح".
وقال: "كنا عند إسحاق بن رَاهَوَيْه، فقال: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنَّة رسول الله (ﷺ)! قال: فوقع ذلك في قلبي؛ فأخذتُ في جمع الجامع الصحيح".
كانت رؤياه وقولُ شيخه حافزًا على جَمْعِه "الصحيح"، الذي لا يوجد على وجه الأرض كتابٌ أصحُّ منه إلا كتابُ الله تعالى.
وما كان ذلك إلا توفيقًا من الله تعالى، وكَرَمًا منه لهذا الإمام العظيم، ثم تحرِّي هذا الإمام ودقَّته، وكثرة استخارته؛ حتى خرج كتابه على أحسن وجه. يقول رحمه الله تعالى: "ما وضعتُ في كتاب "الصحيح" حديثًا إلاَّ اغتسلت قبل ذلك وصليتُ ركعتين"!
ويقول: "صنَّفْتُ "الجامع" من ستمائة ألف حديث، في ست عشرة سنة، وجعلته حُجَّةٌ فيما بيني وبين الله".
ابتدأ تصنيفه وترتيبه وتبويبه في المسجد الحرام، وحوَّل تراجمه في الرَّوضة الشريفة في مسجد رسول الله (ﷺ) وكان يصلِّي لكلِّ ترجمةٍ ركعتَيْن، ويدلُّ هذا على تعظيمه لحديث رسول الله (ﷺ) لأنه كان يرى أن الاشتغال بالحديث من أعظم ما يقرِّب إلى الله تعالى، حتى كأنَّ المشتغِل بالحديث مُجالس لرسول الله (ﷺ) وصَحْبه الكرام.
قال تلميذه الفِرَبْرِيُّ: "أملى يومًا عليَّ حديثًا كثيرًا، فخاف مَلالي؛ فقال: طِبْ نفسًا؛ فإن أهل الملاهي في ملاهيهم، وأهل الصناعات في صناعتهم، والتجار في تجاراتهم، وأنت مع النبيِّ (ﷺ) وأصحابه".
بعلمه وعمله، واتِّباعه للسُّنة وإخلاصه - بلغ صِيتُه الآفاق، وأثنى عليه العلماء؛ حتى قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "ولو فتحتُ بابَ ثناء الأئمة عليه، ممَّن تأخَّر عن عصره؛ لفني القِرْطاس، ونفدت الأنفاس؛ فذاك بحرٌ لا ساحل له".
ونقل عن قتيبة بن سعيد قوله: "جالستُ الفقهاءَ والزهَّاد والعبَّاد، فما رأيتُ منذ عقلتُ مثلَ محمدٍ بن إسماعيل، وهو في زمانه كعمر في الصحابة"، وقال: "لو كان محمد في الصحابة لكان آية".
قال الطواويسي: "رأيتُ النبيَّ (ﷺ) في النوم، ومعه جماعة من أصحابه، وهو واقفٌ في موضع؛ فسلمت عليه، فردَّ عليَّ السلام، فقلتُ: ما وقوفكَ يا رسول الله؟ قال: أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري. فلما كان بعد أيام؛ بلغني موته؛ فنظرتُ فإذا قد مات في الساعة التي رأيتُ النبيَّ (ﷺ) فيها".
توفِّي رحمه الله تعالى ليلة عيد الفطر، سنة ستٍّ وخمسين ومائتين، وعمره اثنتين وستين سنة.
وفي الختام .. "من ألزم نفسه آداب السنة، نوَّر الله قلبه بنور المعرفة، ولا مقام أشرف من متابعة الحبيب في أوامره وأفعاله وأخلاقه".
اللهم لا تحرمنا شرف اتباع نبيك (ﷺ) واحشرنا تحت لوائه ولا تحرمنا شفاعته ولا رؤيته يوم القيامة .
اللهم آمين
======
رابط pdf
https://www.raed.net/file?id=812264
رابط doc
https://www.raed.net/file?id=812266