الثلاثاء، 23 أبريل 2024

من زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين

 





الحمد لله رب العالمين جعل الأخلاق قوام المجتمع الراقي وأساس الإنسان الفاضل .. فقال تعالي }يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ(13){[الحجرات] .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... ربط بين الأخلاق والعبادات، فقال تعالي}وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ(45){ [العنكبوت].
وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله (ﷺ) حدد الغاية الأولي من بعثته والمنهاج المبين في دعوته فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ) }إنما بُعِثْتُ لأتممَ مكارم الأخلاق{ [مسند البزار والبيهقي في شعب الإيمان].
أخلاقه غزت القلوب بلطفها     قبل اسْتِلال ِسيوفه ونباله
ما في البرية َقط ُّمثل محمد      في حُسْن ِسيرته وسَمْح ِخصاله
فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما ..
أما بعـد : فيا أيها المؤمنون
فالإنسان جسد وروح، ظاهر وباطن، والأخلاق الإسلامية تمثل صورة الإنسان الباطنة، والتي محلُّها القلب، وهذه الصورة الباطنة هي قوام شخصية الإنسان المسلم، فالإنسان لا يقاس بطوله وعرضه، أو لونه وجماله، أو فقره وغناه، وإنما بأخلاقه وأعماله المعبرة عن هذه الأخلاق، يقول تعالى:}يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (13){ [الحجرات].
وَعَنْ أبي هُريْرة عَبْدِ الرَّحْمن بْنِ صخْرٍ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ (ﷺ): {إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ }[رواه مسلم].
وحاجة الناس إلي الأخلاق أشد من حاجتهم إلي الطعام والشراب لأنه بفقد الطعام والشراب يضعف البدن الظاهر ، أما بفقد الأخلاق هلاك الباطن وهو عبارة عن الروح والقلب وشتان بين هلاك الظاهر وهلاك الباطن، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين فهذا هو موضوعنا } من زاد عليك في الخلق زاد في الدين{ وذلك من خلال هذه العناصر ...
1ـ المقصود بالأخلاق.
 2ـ أهمية الأخلاق في الإسلام.
 3ـ علاقة الأخلاق بالإيمان.
4ـ أثر التمسك بالأخلاق علي الفرد والمجتمع .
العنصر الأول : المقصود بالأخلاق:
 مجموعة المبادئ الخلقية والفضائل السلوكية والوجدانية التي يجب أن يتلقنها الإنسان ، ويكتسبها ويعتاد عليها منذ تمييزه وتعقله إلي أن يصبح مكلفا إلي أن يتدرج شابا إلي أن يخوض خضم الحياة .
ومما لا شك فيه أن الفضائل الخلقية والسلوكية والوجدانية هي ثمرة الإيمان الراسخ والتنشئة الدينية الصحيحة .
 العنصر الثاني :أهمية الأخلاق في الإسلام:
تظهر لنا أهمية الأخلاق في الإسلام من عدة أمور، منها:
1ـ أنها الغاية الأولي من بِعثته النبي (ﷺ).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ): }إنما بُعِثْتُ لأتممَ مكارم الأخلاق{. [ مسند البزار والبيهقي في شعب الإيمان]
والقرآن الكريم والسنة المطهرة يكشفان بوضوح عن هذه الحقائق : فقال تعالي عن الصلاة }إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45){ ]العنكبوت[ .
وقال تعالي عن الزكاة : }خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103){ ]التوبة[ .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ)عن الصيام }مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ{ ] صحيح البخاري[
وقال تعالى عن الحج }الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ (197){ ]البقرة[ .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ (ﷺ) يقولُ: }مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ { ] صحيح البخاري[..
لقد بين رسولُ الله (ﷺ) بهذا الأسلوب أهمية الخُلق، بالرغم من أنه ليس أهمَّ شيء بُعث النبيُّ (ﷺ) من أجله؛ فالعقيدة أهم منه، والعبادة أهم منه، ولكن هذا أسلوب نبوي لبيان أهمية الشيء، وإن كان غيرُه أهمَّ منه، فإن قال قائل: ما وجه أهمية الخُلق حتى يقدَّم على العقيدة والعبادة ؟
فالجواب: إن الخُلق هو أبرز ما يراه الناسُ، ويُدركونه من سائر أعمال الإسلام؛ فالناس لا يرون عقيدةَ الشخص؛ لأن محلَّها القلبُ، كما لا يرون كلَّ عباداته، لكنهم يرَوْن أخلاقه، ويتعاملون معه من خلالها؛ لذا فإنهم سيُقيِّمون دِينَه بِناءً على تعامله، فيحكُمون على صحتِه من عدمه عن طريق خُلقه وسلوكه، لا عن طريق دعواه وقوله، وقد حدَّثَنا التاريخ أن الشرق الأقصى ممثَّلاً اليوم في إندونيسيا والملايو
والفلبين وماليزيا، لم يعتنقْ أهلُها الإسلام بفصاحة الدعاة، ولا بسيف الغزاة، بل بأخلاقِ التجَّار وسلوكِهم، من أهل حضرموت وعمان؛ وذلك لما تعاملوا معهم بالصدق والأمانة والعدل والسماحة.
وإن مما يؤسَفُ له اليوم أن الوسيلةَ التي جذبت كثيرًا من الناس إلى الإسلام هي نفسها التي غدَت تصرِفُ الناس عنه؛ وذلك لما فسَدت الأخلاق والسلوك، فرأى الناس تباينًا بل تناقضًا بين الادِّعاء والواقع!
2 ـ تعظيم الإسلام لحُسن الخُلق:
 لم يعُدِ الإسلام الخلق سلوكًا مجرَّدًا، بل عده عبادةً يؤجر عليها الإنسان، ومجالاً للتنافس بين العباد؛ فقد جعله النبيُّ (ﷺ) أساسَ الخيريَّة والتفاضل يوم القيامة، فعن أبو ثعلبة الخشني  رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ﷺ)}:إنَّ أحبَّكم إليَّ وأقربَكم منِّي في الآخرةِ محاسنُكم أخلاقًا وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم منِّي في الآخرةِ أساوِئُكم أخلاقًا الثَّرثارونَ المُتَفْيهِقونَ المُتشدِّقونَ{ ] الهيثمي في مجمع الزوائد[
 وكذلك جعَل أجر حُسن الخُلق ثقيلاً في الميزان، بل لا شيء أثقلُ منه، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ): }ما شيءٌ أثقلُ في ميزانِ المؤمِنِ يومَ القيامةِ مِن خُلُقٍ حسَنٍ، فإنَّ اللَّهَ تعالى ليُبغِضُ الفاحشَ البَذيءَ{ ] أخرجه أبو داود  وأحمد ، والترمذي[
وجعَل كذلك أجرَ حُسن الخُلق كأجرِ العبادات الأساسية، مِن صيام وقيام، فعن عائشة رضي الله عنه قالت : قال رسول الله (ﷺ): }إن المؤمنَ لَيُدركُ بحُسن الخُلق درجةَ الصائمِ القائم{ ] صحيح أبي داود[
وذلك لأنَّ الذي يُحسِّن خُلَقه مع الناسِ مع اختِلافِ طَبائعِهم يُجاهِدُ نفوسًا كثيرةً، وذلك بكَفِّ الأذَى عنهم، وبَذْلِ العَطاءِ لهم، وطلاقةِ الوَجهِ مع الصَّبرِ على آذاهم، والصائمُ القائمُ يُجاهِدُ نفسَه؛ لذلكَ يُدركُ المؤمنُ بحُسِن خلُقِه دَرجةَ- أي: منزلةَ وثوابَ- الصائمِ، أي: المتطوِّع بالصَّومِ بالنهارِ، القائمِ، أي: المتهجِّد بالليل؛ فالصَّائمُ القائمُ عِندَه من التَّعبِ والمشقَّةِ لقيامِه الليلَ بصَلاةِ التطوُّعِ، بعدَ صِيامِه للنَّهار؛ فكونُ صاحِبِ حُسنِ الخُلقِ يكون في دَرجةِ هؤلاء إنَّما هو لمُجاهدتِه الناسَ بحُسنِ المعاملةِ فيهم وإنْ قَسَوْا عليه؛ فيكون الصبرُ مِفتاحَه فيهم.
بل بلَغ من تعظيم الشارع الحنيف لحُسن الخُلق أنْ جعَله وسيلة من وسائل دخول الحنة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سُئِلَ رسولُ اللَّهِ (ﷺ)عن أَكْثرِ ما يُدخلُ النَّاسَ الجنَّةَ ؟ فقالَ : }تَقوى اللَّهِ وحُسنُ الخلُقِ ، وسُئِلَ عن أَكْثرِ ما يُدخِلُ النَّاسَ النَّارَ ، قالَ : الفَمُ والفَرجُ  { ] صحيح الترمذي[
وفي حديث آخرَ ضمِن لصاحب الخُلق دخولَ الجنة، بل أعلى درجاتها، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ)}أنا زعيمٌ ببيتِ في رَبَضِ الجنةِ لمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كان مُحِقًّا ، وببيتِ في وسطِ الجنةِ لمَن تركَ الكذبَ وإن كان مازحًا ، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمَن حَسُنَ خُلُقُه{.]صحيح أبي داود[
فصاحب الأخلاق الفاضلة في مستوى الصائم القائم، بصيام وقيام مستمرين، بل إن العبد كما قال عليه الصلاة والسلام عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال رسول الله (ﷺ): }إِنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ عَظِيمَ دَرَجَاتِ الآخِرَةِ وَشَرَفَ الْمَنَازِلِ وَإِنَّهُ لَضَعِيفٌ فِي الْعِبَادَةِ { [رواه الطبراني]
هذه كلها أحاديث شريفة تبين أن الخلق الحسن هو كل شيء في الدين، بل يكاد يكون الدينُ خلقاً حسناً.
3ـ أنها أساس بقاء الأمم:
فالأخلاق هي المؤشِّر على استمرار أمَّة ما أو انهيارها؛ فالأمة التي تنهار أخلاقُها يوشك أن ينهارَ كيانُها، كما قال أحمد شوقي رحمه الله تعالي:
وإذا أُصيب القومُ في أخلاقِهم         فأقِمْ عليهم مأتَمًا وعويلا
ويدلُّ على هذه القضية قولُه تعالى } وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16){ [الإسراء].
ويقول الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالي : "إن الله يقيم الدولة العادلة ولو كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة" .
 4 ـ أنها من أسبابِ المودة، وإنهاء العداوة:
يقول الله  تعالى: }وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34){ [فصلت].
والواقع يشهد بذلك، فكم من عداوةٍ انتهت لحُسن الخُلق؛ كعداوة قريش له  (ﷺ). فَعَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ): }إِنَّكُمْ لَا تَسَعُونَ النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ لِيَسَعْهُمْ منكم بَسْطُ الْوَجْهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ{]أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ[.
يقول أبو حاتم  رحمه الله: "الواجب على العاقل أن يتحبَّب إلى الناس بلزوم حُسن الخُلق، وتَرْكِ سوء الخُلق؛ لأن الخُلق الحسَن يُذيب الخطايا كما تذيب الشمسُ الجليد، وإن الخُلق السيِّئ لَيُفسد العمل، كما يفسد الخلُّ العسلَ".
5ـ إن الخُلق أفضلُ الجمالينِ:
 الجمال جمالان؛ جمال حسي، يتمثل في الشَّكل والهيئة والزينة والمركَب والجاه والمنصب، وجمال معنوي، يتمثل في النفس والسلوك والذكاء والفطنة والعلم والأدب، كما قال القائل: ليس الجمالُ بأثواب تُزيِّنُنا إن الجمالَ جمالُ العلم والأدبِ وقال الشاعر:
ليس الجمالُ بمئزرٍ فاعلم وإن رُدِّيت بردا        إن الجمالَ مناقب ومعادن أورثن حمدا
وقد ذكر اللهُ أن للإنسان عورتينِ؛ عورة الجسم، وعورة النفس، ولكل منهما ستر؛ فستر الأولى بالملابس، وستر الثانية بالخُلق، وقد أمر الله بالسترين، ونبَّه أن الستر المعنوي أهمُّ من الستر الحسي فقال تعالى: } يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ(26){ [الأعراف] .
العنصر الثالث :علاقة الأخلاق بالإيمان :
لقد صارت ظاهرة التدين الشكلي واضحة في حياتنا ، أصبحنا نهتم ببعض الأشياء من الفرعيات ونترك الأصول والواجبات ، فمنا من يشغله الشكل والمظهر ، والبعض يهتم بالسنن والنوافل علي حساب الفرائض ، ومنا من يبالغ في الورع في أداء بعض النوافل والسنن ، ولكن أين الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وبر الوالدين، والإحسان إلى الجار، وصلة الرحم، والأمانة، ونصرة المظلوم وغيرها من القضايا الهامة في الإسلام .
فالتدين الشكلي : هو تدينٌ مغشوشٌ، فيه يكتفي صاحِبُهُ مِن التدين بـالطقوس الشكلية  مع إهمال القيم والأخلاق التي هي المقاصد الحقيقية والروح الحقيقية لشعائر الإسلام.
فالشعائر الإسلامية ليست مجرد طقوس، وإنما هي: وسائلٌ للمقاصد التي تُزَكِّي النفسَ بمنظومة القيم والأخلاق.
وأما الذين يكتفون من التدين بالطقوس الشكلية، فإنها لن تُغْنِيَ عنهم شيئاً ؛ ورُبَّ صائمٍ ليس له مِن صيامه إلا الجوع والعطش، ومَن لم تنهه صلاتُهُ عن الفحشاء والمنكر لم يَزْدَدْ مِن الله إلا بُعْداً.
فنجد من الناس من يتعامل مع الخالق في بيته معاملة حسنة، لكن إذا خرج إلى الخلق عاملهم معاملة سيئة.
وتجد البعص يتورع تماما عن الخمر ، لكن في قضية أكل أموال الناس لا يتورع عن ذلك، فالعجب يتورع عن شيء ولا يتورع عن آخر، فالدين جاء بمنع هذا ومنع هذا، فلماذا فرقت بينهما؟
قال ابن القيم رحمه الله: "ولهذا تجد الرجل يتورع عن القطرة من الخمر، أو من استناده إلى وسادة حرير لحظة واحدة، ولكنه يطلق لسانه في الغيبة والنميمة في أعراض الخلق، كما يحكى أن رجلاً خلا بامرأة أجنبية، فلما أراد مواقعتها، قال: يا هذه غطي وجهك، فإن النظر إلى وجه الأجنبية حرام".[عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين].
قال ابن الجوزي رحمه الله: فإن الإنسان لو ضرب بالسياط ما أفطر في رمضان عادة قد استمرت، ويأخذ أعراض الناس وأموالهم عادة غالبة" [صيد الخاطر].
فأين هؤلاء من قوله تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ(120){[الأنعام].
إن الذين يحسنون الكلام عن الإسلام كثرة كاثرة من الناس، لكن الذين يطبقونه بقناعة قلة قليلة والمدار على العمل، فإن التدين الحقيقي يقوم على أساس من الإيمان القلبي، والسلوك العملي، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ): {التقوى هاهنا  وأشار إلى صدره ثلاث مرات} [رواه مسلم].
ولابد من تحويل المفاهيم النظرية إلى سلوك عملي ملموس. سُئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول (ﷺ) فقالت: {كان خلقه القرآن}[البخاري ومسلم].
ولقد كان سلوك رسول الله تطبيقًا عمليًّا لمبادئ القرآن وأخلاقيات القرآن، فكان عليه الصلاة والسلام  قرآنًا يسير في الحياة، فكان القرآن ممتزجًا بأقواله وأفعاله وذاته ونفْسه ورُوحه وقلبه، ما خرجه للناس عقيدة وأخلاقًا، وتشريعًا ومعاملات؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)}[الأحزاب].
ولقد تمسَّك المسلمون الأوائل بمبادئ الدين، وطبَّقوه تطبيقًا عمليًّا، وحوَّلوا مبادئه إلى سلوك وتصرفات، فعزُّوا وسادوا وسعِدوا، وخلَّدوا على صفحات التاريخ أعمالاً وأقوالاً، وتصرفات وتضحيات هي خير شاهد وأعظم برهان على مقدار ما يتركه التمسك بالمبادئ من آثار تُخلد مع الدهر، وتُحوِّل تيار الحياة إلى ما هو خير
وأفضل ؛ قال تعالى:{أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)}[الأنفال].
ويقول جل شأنه {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ (90)}[الأنعام].
فالتدين الحقيقي لا يقاس بالشكليات ولا المظاهر وأكد على ذلك سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما شهد رجل عنده بشهادة، فقال له: لست أعرفك ، ولا يضرك أن لا أعرفك، ائت بمن يعرفك؟ كيف أقبل شهادتك وأنا لا أعرفك، أنت ممكن تكون من الأتقياء، أومن الزهاد، أو من العباد، لكن حتى أقبل شهادتك هات من يعرفك أي يزكيك. فقال رجل من القوم: أنا أعرفه.
قال عمر: بأي شيء تعرفه؟
قال: بالعدالة والفضل" كلام عام".
قال: فهو جارك الأدنى؟ القريب المجاور، الذي تعرف ليله ونهاره، ومدخله ومخرجه . قال: لا.  
قال: فمعاملك بالدينار والدرهم، اللذين بهما يستدل على الورع ؟ قال: لا.
قال: فرفيقك في السفر، الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا.
لا شاركته وعاملته، ولا سافرت معه ولا لازمته، ولا جاورته ورأيته وراقبته، كيف تعرفه؟
قال عمر: فلعلك رأيته في المسجد راكعًا وساجدًا فجئتَ تزكيه!
قال: نعم يا أمير المؤمنين، فقال عمر: اذهب فأنت لا تعرفه.
قال عمر: لست تعرفه، ثم قال: ائت بمن يعرفك" ]والقصة رواها البيهقي السنن الكبرى]
من هذا نفهم أن هناك علاقة طردية بين الإيمان والأخلاق فكلما كان الإيمان صحيحاً قوياً أثمر أخلاقاً حميدة ،والإيمان القوي يلد الخلق القوي حتما ،وأن انهيار الأخلاق مرده إلي ضعف الإيمان ، أو فقدانه بحسب تفاقم الشر أو تفاهته .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ)}أكْملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهُم خلقًا {]أخرجه أبو داود ، والترمذي ، وأحمد[
لذلك نفى النبي (ﷺ) الإيمان عن أصحاب هذه الصفات الذميمة واعتبرها عين النفاق فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ):}آية المنافق ثلاثٌ ؛ إذا حدّث كذب ، وإذا وعَدَ أخلف ، وإذ ائتمن خان" متفق عليه{ ]أخرجه مسلم[ .
واعتبر الإحسان إلى الجار شرط الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر ،فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ):}من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره{]رواه البخاري[
والرجل الذى ينكب جيرانه ويرميهم بالسوء  يحكم الدين عليه حكما قاسيا ،فعن أبي شريح العدوي خويلد بن عمرو رضي الله عنه قال : يقول النبي (ﷺ):}والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ،والله لا يؤمن قيل: من يا رسول الله؟ قال الذي لا يأمن جارُه بوائقه.{ ]رواه البخاري[.
وفى هذا ورد عن النبي (ﷺ) أن رجلا قال له: يا رسول الله ? إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها. فقال: "هي في النار". ثم قال: يا رسول الله فلانة تذكر من قلة صلاتها وصيامها  وأنها تتصدق "بالأثوار من الأقط " بالقطع من العجين ولا تؤذى جيرانها. قال: "هي في الجنة" !
 في هذه الإجابة تقدير لقيمة الخلق العالي وفيها كذلك تنويه بأن الصدقة عبادة اجتماعية يتعدى نفعها إلى الغير ، ولذلك لم يفترض التقلل منها كما افترض التقلل من الصلاة والصيام  وهى عبادات شخصية في ظاهرها.
إن رسول الإسلام لم يكتفِ بإجابة على سؤال عارض في الإبانة عن ارتباط الخلق بالإيمان الحق وارتباطه بالعبادة الصحيحة وجعله أساس الصلاح في الدنيا والنجاة في الأخرى.
فإذا نمت الرذائل في النفس وفشا ضررها وتفاقم خطرها انسلخ المرء من دينه كما ينسلخ العريان من ثيابه وأصبح ادعاؤه للإيمان زورا فما قيمة دين بلا خلق ، وما معني الإفساد مع الانتساب لله تعالي ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين . كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:}الدِّين كلهُ خُلق فمن زاد عليك في الخُلق زاد عليك في الدين {
أيها المؤمنون : من هنا ندرك الغاية من وراء الأمر بالتخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل ألا وهي : تزكية نفوسنا وتطهيرها لكي نفوز برضا الرحمن، وننجو بإذن ربنا من النيران، وقد أقسم سبحانه أحد عشر قسما متوالياً على أنه لا يستحق الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا من زكت نفسه وصفت، فقال سبحانه وتعالى: }وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا(10){ ]الشمس[
ومن هنا تكون فضائل الأخلاق ومكارمها داخلة في إطار الدين وركناً أساساً من أركان العبادة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ﷺ) }الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان { ] رواه مسلم[ .
فالإيمان شُعب، ويزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وإذا كان الحياء شعبة من الإيمان فسلب الحياء شعبة من شعب الكفر، وقس على ذلك الكذب والغدر، والسرقة، وغيرها.
فانهيار الأخلاق مرده إلى ضعف الإيمان أو فقدانه  بحسب تفاقم الشر أو تفاهته..
فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ) في وصف حاله: }الحياءُ والإيمانُ قرناءُ جميعًا فإذا رُفِع أحدُهما رُفِع الآخرُ { ] أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في شعب الإيمان[
إن الإيمان والصلاح والأخلاق  عناصر متلازمة متماسكة لا يستطيع أحد تمزيق عراها.
لقد سأل النبي (ﷺ) أصحابه يوما :عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ﷺ) :}أتدرون من المفلس؟! قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال: المفلس من أمتى من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ? وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيُعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه ? أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طرح في النار{ ]أخرجه مسلم[
ذلك هو المفلس : إنه كتاجر يملك في محله بضائع بألف  وعليه ديون قدرها ألفان ، كيف يُعد هذا المسكين غنيا، والمتدين الذى يباشر بعض العبادات ، ويبقى بعدها بادى الشر ، كالح الوجه ، قريب العدوان كيف يحسب امرءا تقيا؟
وقد روى أن النبي (ﷺ) ضرب لهذه الحالات مثلا قريبا. فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله (ﷺ):}الخُلُقُ الحسَنُ يُذِيبُ الخطايا كما يُذِيبُ الماءُ الجليدَ، والخُلُقُ السُّوءُ يُفسِدُ العمَلَ كما يُفسِدُ الخَلُّ العسَلَ {]الصنعاني : التنوير شرح الجامع الصغير[
فإذا نمت الرذائل في النفس وفشا ضررها  وتفاقم خطرها  انسلخ المرء من دينه كما ينسلخ العريان من ثيابه  وأصبح ادعاؤه للإيمان زورا  فما قيمة دين بلا خلق؟!!
وما معنى الإفساد مع الانتساب لله؟!!
وتقريرا لهذه المبادئ الواضحة في صلة الإيمان بالخلق القويم ? عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله (ﷺ) }أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ{.] البخاري ومسلم[
العنصر الرابع : أثر الأخلاق علي الفرد والمجتمع :
كلما ازداد تمسك المسلم بمكارم الاخلاق وفضائلها زادت قيمته وزاد رضا الله عنه وأحبه الناس وتعلقوا به وأصبح موضع ثقتهم واحترامهم . ولنا في رسول الله (ﷺ)  أسوة حسنة في التحلي بالأخلاق الكريمة والصفات الحسنة ، والتي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع والأمة .
1- نشر الأمن والأمان في المجتمع:
 إن أي مجتمع لا يمكن أن يعيش أفراده بأمان وانسجام ما لم تربط بينهم روابط متينة من الأخلاق الكريمة.
 فمكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية لا يَستغنِي عنها أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية؛ لأن بها يتم إصلاح الفرد الذي هو الخطوة الأولى في إصلاح المجتمع كله، وصدق القائل:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت      فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
إذ كيف يكون هناك ثقة متبادلة بين أفراد المجتمع لولا فضيلة الصدق التي أساس الإسلام، وعقد الحياة في حياة الإسلام الاجتماعية. وكيف يكون تعايش بين الناس في أمن وسلام لولا فضيلة الأمانة .
وكيف نتصور مجتمعا مثاليا، قادرا على قيادة العالم نحو الأفضل بدون مكارم الأخلاق؟
إذا فمكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية في كل عصر من العصور حتى تصير أفراد المجتمع أفرادا مسئولة وواعية.
2- سيادة التعاون والتكافل الاجتماعي بين المجتمع:
فالفرد المتخلق بمكارم الأخلاق لابد أن يؤدي ما عليه من حقوق اللّه عز وجل، وحقوق الناس، فإن كان موظفا أو مسئولاً فلابد أن يتقي اللّه في رعيته وفي أسرته، وأن يؤدي لكل ذي حق حقه .
3- نبذ الفُرقة والخلاف وما يمزق المجتمعَ، والالتزام بالقِيَم والمبادئ :
نري أن نبينا محمد (ﷺ) الذي يجسد أخلاق القرآن العالية ما أثر في أصحابه ومجتمعه إلا بأخلاقه السامية.
فقد استطاع  بأخلاقه العالية  أن يغير قبائل العرب من أخلاق البداوة والتوحش إلى أخلاق السيادة والقيادة، حتى صاروا أعظم خَلق في العالم.
ألا ترى هذه الأقوام المختلفة البدائية في هذه الصحراء الشاسعة المتعصبين لعاداتهم المعاندين في عصبيتهم وخصامهم كيف رفع هذا الشخص جميع أخلاقهم السيئة البدائية وقلعها في زمان قليل دفعة واحدة  وجهزهم بأخلاق حسنة عالية؛ فصيرهم معلمي العالم الإنساني وأساتذة الأمم المتمدنة، وبأخلاقه السامية أيضا غلب على الأفكار، وتحبب إلى الأرواح، وتسلط على الطبائع وقلع من أعماق قلوبهم العادات والأخلاق الوحشية المألوفة الراسخة المستمرة الكثيرة ؟!
4- المساهمة في خدمة المجتمع، ورفع معاناته، وتقديم ما يفيد للأمة والبشرية: فالمؤمن مثل الغيثِ أينما حلَّ نفَع وأنه لا نجاة ولا سعادة إلا التمسك بحقائق الإسلام التي تتمثل في التحلي بمكارم الأخلاق واتباع شريعته.
يقول أحد العلماء: "... لا سعادة لأمة الإسلام إلا بتحقيق حقائق الإسلام وإلا فلا، ولا يمكن أن تذوق الأمة السعادة في الدنيا أو تعيش حياة اجتماعية فاضلة إلا بتطبيق الشريعة الإسلامية، إلا فلا عدالة قطعا ولا أمان مطلقا إذ تتغلب عندئذ الأخلاق الفاسدة والصفات الذميمة، ويبقى الأمر معلقا بيد الكذابين والمرائين.
كما أن التزام الناس بمكارم الأخلاق يؤدي إلى تقدم المجتمع وسعادته، وأن الغرب ما تفوقوا علينا إلا باتخاذهم ببعض المكارم التي يأمر به ديننا الحنيف.
5- بث روح التسامح ونشرها بين الناس، تحت شعار: "وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ"، ونحو مجتمع راقٍ تسودُه الألفة والمحبة.
وليعلم الجميع  أن أسلافنا لم ينجحوا في مهمتهم الدعوية إلا بأخلاقهم السامية، وأن المسلمين اليوم لو تشبعوا بأخلاق القرآن لساد الإسلام في العالم ولدخل الناس في دين اللّه أفواجا.
وفي الختام .. مما سبق يؤكد أن الأخلاق لها أثر بالغ علي الفرد والمجتمع، وهي ضرورة اجتماعية، وأنه لا يمكن لأي مجتمع يريد التوازن في حياته أن يعيش بدونها، وأن التحلي بمكارم الأخلاق يؤدي إلى سعادة المجتمع وتقدمه وانسجامه والاعتزاز بالنفس والتواضع، وأن أي خلل فيها، يؤدي إلى خلل في المجتمع وفساده وأن الأمة الإسلامية لو التزم أفرادها بمكارم الأخلاق التي يدعو إليها الإسلام لأصبحوا سادة العالم، ولما بقي أحد على وجه الأرض إلا وتبنى هذا الدين.
وأن هذه الخصال الحميدة تبقى حصنا حصينا للمسلم في هذا الوقت الذي يتسم بالدمار، أخلاقيا وروحيا، وبإثارة هوى النفس الأمارة بالسوء وبإطلاق الهوى من عقالها.
فاللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يَهدي لأحسنِها إلَّا أنتَ ، واصرف عنا سيِّئَها لا يصرف عنا سيئَها إلا أنتَ.

تمت بفضل الله تعالى

رابط doc

https://www.raed.net/file?id=758019

رابط pdf

https://www.raed.net/file?id=758011


ليست هناك تعليقات:

المشاركة المميزة

شؤم المعصية

الحمد لله رب العالمين ..أنار الطريق لعباده الصالحين فجعل العبيد ملوكا بطاعته، والملوك عبيدا بمعصيته ، فالعز كل العز في طاعته والذل كل الذل ف...